-
- share
-
subscribe to our mailing listBy subscribing to our mailing list you will be kept in the know of all our projects, activities and resourcesThank you for subscribing to our mailing list.
نداء بشأن إشغال النازحين المساحات العامة
مع توسع نطاق الحرب وزيادة موجات النزوح بشكلٍ متسارع، برز دور المساحات العامة المفتوحة كالشوارع، الحدائق، الساحات العامة، الكورنيش البحري، والشواطئ مع توجّه عدد كبير من النازحات/ين إليها في الفترات الأولى من النزوح نظراً لعدم توفّر المعلومات المتعلّقة بمراكز الإيواء ومواقعها، لينتقلوا بعدها إلى المراكز المعدّة لاستقبال النازحات/ين. غير أنّ البعض أُجبِر على البقاء في هذه المساحات وافتراش الأرصفة والشوارع والنوم في العراء من دون توفّر الحد الأدنى من الحاجات الأساسية، لأسباب عديدة، منها عدم توفر مراكز الإيواء بشكلٍ كافٍ، وعدم توفر المواصلات نحو مراكز الإيواء التي ما زالت قادرة على استيعاب أعداد إضافية من النازحات/ين، أو لعدم استقبال مراكز الإيواء لغير اللبنانيين على اعتبار أنّ “خطة الطوارئ الوطنية” تولي مسؤولية الاستجابة لحاجاتهم إلى منظمات الأمم المتحدة المختصة.
وبالرغم من أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المساحات، وبالرغم من كونها الملاذ الوحيد للفئات المستضعفة بسبب تخاذل الدولة بتأمين الإيواء بشكلٍ عادل للجميع، بقيت معظم الحدائق العامة مغلقة أمام النازحات/ين، مثل حديقة الصنائع وحديقة الجعيتاوي في بيروت وغيرها. بينما تمّ طرد النازحات/ين من مساحات عامة أخرى، مثل حديقة عامة في زحلة، حيث قام ابراهيم الصقر صاحب سلسلة محطات المحروقات شخصياً وعلى مرأى من سيارة للبلدية كانت مركونة إلى جانب الحديقة، بطرد النازحين الذين افترشوا الحديقة بانتظار إيجاد مأوى بديل. كما طردت دورية من مخابرات الجيش – باستخدام القوة – وبالتعاون مع أمن سوليدير، النازحين/ات من حديقة الصيفي المعروفة بساحة الدباس والتي تشكّل جزءاً من شبكة المساحات العامة في وسط بيروت، ومن ساحة الشهداء بالقرب من جامع محمد الأمين، حيث عاشوا منذ نحو أسبوعين، جرّاء العدوان الإسرائيلي.
أمّا فيما يخصّ الأرصفة والشوارع، قام الدرك، وبطلب من القائمين على كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت، بطرد بعض النازحات/ين اللواتي والذين افترشوا الرصيف احتماءً بظلال سور الكنيسة وفي الساحة المقابلة لها، وذلك بشكل تعسفي باستخدام القوة والترهيب ومن دون توفير البدائل، لينزحوا مجدداً إلى تحت الجسور حيث ما زالوا يواجهون التهديدات والتضييق العنيف عليهم. كما قامت القوى الأمنية بطرد النازحات/ين وإزالة بسطات كانت موجودة على كورنيش عين المريسة ومن منطقة الروشة والزيتونة والرملة البيضاء، باستخدام القوة. وقد تمّ تبرير هذه الممارسات التعسفيّة أنّها جزء من عملية إزالة “المخالفات والتعديات”. فبحسب بيان لقوى الأمن الداخلي، وبعد ازدياد أعداد النازحين على الكورنيش البحري، “عَمد بعض الأشخاص على استغلال الوضع والسيطرة على الرصيف بطريقة عشوائية واستحداث العديد من البسطات في المحلّة، ما أدّى إلى تفاقم الفوضى والازدحام”، فعملت قوى الأمن على إزالة ما سمته بالمخالفات، زاعمةً أنّ النازحات/ين الموجودين في المكان سوف يتم نقلهم إلى مكان آخر فور تأمين مأوى لهم بالتنسيق مع الجهات المعنية. وهذا ما لم يحدث. تنفي هذه الحجج – كما الممارسات التعسفية – أنّ هناك حالة حرب وأزمة نزوح هائلة تتحمل جزءًا من مسؤوليتها السلطات العامة نفسها.
من جهةٍ أخرى، وبعد استقرار بعض النازحات/ين اللبنانيات/ين والسوريات/ين في حرش بيروت، جاءت القوى الأمنية وطردت النازحات/ين من اللاجئات/ين السوريات/ين فقط، بينما سمحت للنازحات/ين اللبنانيات/ين البقاء، بما يبيّن أن الممارسات المتخذة من قبل القوى الأمنية لطرد النازحات/ين من المساحات العامة هي أيضاً ممارسات انتقائية وتمييزية ضدّ الفئات المستضعفة التي عانت الأمرين. فقد أُجبر هؤلاء أساساً على افتراش الأرصفة والمساحات العامة وبعض الحدائق العامة بسبب الامتناع عن استقبالهم في مراكز الإيواء نظراً لقصور “خطة الطوارئ الوطنية” التي تولي مسؤولية إغاثة اللاجئات/ين السوريات/ين والعاملات والعمال الأجانب إلى منظمات الأمم المتحدة المختصة.
إنّ استخدام المساحات العامة في المدينة هو حقّ مكرّس والوصول إليه مضمون قانونياً في فترات السلم، فكيف بالأحرى في فترات الحروب حين تتزايد الحاجة لوجودها بهدف استخدامها كمساحة لتوفير الدعم للنازحين/ات وتعزيز شعورهم بالانتماء للمجتمع، كنقطة تجمع، أو كملجأ مؤقت، أو كمكان مخصص للإرشاد والوصول المعلومات، على سبيل المثال لا الحصر. وقد ظهرت أهمية الدور الذي يمكن للمساحات العامة أن تلعبه ضمن المرسوم 50/67 “نظام وتنظيم الدفاع المدني” الذي تضمّن فصلاً يتعلّق ببناء الملاجئ وتجهيزها من قبل الدفاع المدني، ووضع جميع الباحات والأرصفة والحدائق العامة والخاصّة التي يراها الجهاز المركزي للدفاع المدني ضرورية بتصرفه ليبني فيها ملاجئ عامة.
انطلاقاً ممّا تقدّم، جئنا كهيئات وأفراد لنذّكر بأهمية الأمور الآتية:
- وجوب تحديث خطة الطوارئ وضمنا بما يتصل بإيواء النازحين/ات بعدما تبيّن أن النزوح تجاوز ما كان متوقعا فيها وأن الخطة لم تلحظ موارد وأماكن إيواء تتناسب مع حجم النزوح. ويفترض أن يترافق ذلك مع إصدار مرسوم تعبئة عامة على نحو منح الدولة هامشا واسعا لتوفير الموارد الوطنية اللازمة لحاجات الإيواء.
- فتح كافة الحدائق العامة، لتكون مساحات يمكن للنازحين/ات اللجوء إليها بشكلٍ مؤقت: يمكن أن تشكلّ الحدائق العامة مأوى مؤقتا للنازحين/ات ريثما يتمّ تأمين مراكز إيواء يمكثون فيها لوقتٍ أطول. كما يمكن أن تشكلّ نقطة تجمع للنازحين/ات ليتمّ من خلالها توزيعهم على مراكز الإيواء المتوّفرة، أو مكانا مخصصا للإرشاد ولوصول المعلومات المتعلّقة بالمساعدات أو مكانا لتوزيع الدعم الأساسي. فالمساحات العامة بشكلٍ عام، ومن ضمنها الحدائق العامة يمكن أن تصبح مراكز لتوفير جهود الاستجابة والإغاثة على المدى القصير، ولدعم احتياجات التعافي على المدى الأطول. في صيدا على سبيل المثال، استخدمت الحديقة العامة كمكان لتجمّع ووصول النازحين قبل توّزعهم على مراكز الإيواء.
وهنا لا بدّ من ذكر الدور المحوري الذي لعبته حديقة الصنائع خلال حرب تموز 2006. فقد كانت حديقة الصنائع تاريخياً محوراً للعديد من الأحداث في المدينة، حيث احتضنت النازحات/ين من قرى الجنوب والضاحية الجنوبية للعاصمة خلال حرب تموز 2006، كما وفي الاعتداءات السابقة، بدءاً بعام 1982. ففي حرب تموز 2006، تحوّلت الحديقة ملجأً في الهواء الطلق لمئات النازحات/ين، ومكاناً اجتمع فيه المتطوعات/ين ضمن مبادرة “صامدون“. ومع تزايد عدد اللاجئات/ين في حديقة الصنائع، باتت تتضح الأولويات صوب تأمين الحاجات الإنسانية الأساسية، وكانت النقطة الأكثر إلحاحاً تأمين ملجأ للاجئات/ين. وقد قام أعضاء مبادرة “صامدون” بتنظيم هذا الأمر للاجئات/ين في الحديقة، التي أصبحت نقطة معلومات في وسط بيروت لتحويل النازحين إلى المدارس والملاجئ وأماكن التجمع. كما قاموا، ضمن الحديقة، بتنظيم عملية توزيع المساعدات من مؤن ومياه وأدوية، وتسجيل أسماء الوافدات/ين والخارجات/ين، والمتابعة المستمرة لحاجاتهن/م، وشكلوا شبكة تعمل بالتعاون مع الصليب الاحمر اللبناني والدفاع المدني.
- الامتناع عن اتخاذ إجراءات تعسفية واستخدام القوة: إنّ أي إجراء يهدف إلى إخلاء الحدائق أو المساحات العامة من النازحات/ين يجب أن يتم وفقًا لمبادئ القانون والعدالة، ولا ينبغي أن يُتخذ بشكلٍ عشوائي أو تعسفي، وبالتالي يجدر أن يتمّ من خلال اتباع الإجراءات القانونية والعدالة. لذا، يتعين على أي جهة أو سلطة تسعى لاتخاذ هذا النوع من الإجراءات الحصول أولاً على موافقة رسمية وقانونية من المحافظ.
مع ذلك، حتى مع توفر الكتاب أو التفويض الرسمي، لا يعني ذلك أنّ قوى الأمن الداخلي الموكلة بتنفيذ هذه الإجراءات تمتلك الحقّ في استخدام القوة أو العنف أو أي نوع من أنواع التهديد أو الترهيب لتحقيق الهدف. بل يجب أن يتّم ذلك من خلال التفاوض البنّاء والسعي إلى التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف، وتجنب استخدام القوة أو الإكراه، مع الأخذ في عين الاعتبار الظروف المعيشية الصعبة والقاهرة التي قد يكون هؤلاء النازحون/ات يعيشونها.
- توفير البدائل: لا يمكن بأي حال من الأحوال القيام بعملية إخلاء دون تقديم بدائل ملائمة للأشخاص المعنيين، والتفاوض حول هذه البدائل بشكلٍ عادل. ويجب أن تكون هذه البدائل واقعية وقابلة للتنفيذ، وتشمل حلولاً ملموسة تتيح للنازحات/ين الاستقرار في مكان آخر دون أن يُعرّضوا لمزيد من المخاطر أو الأضرار، أو لإخلاءٍ آخر. كما يجدر تقديم الدعم الذي من شأنه أن يساعدهم في الانتقال بشكلٍ آمن ومريح.
وينبغي ضمان مشاركة النازحات/ين والمجموعات المتضررة بشكلٍ هادف في الاختيار الطوعي للمراكز التي يريدون التوجه إليها – بالأخصّ فيما يتعلّق بموقع هذه المراكز – كونهن/م أكثر الناس فهمًا لاحتياجاتهم وظروفهم، ما قد يتطلب استماع الأطراف المعنية إلى احتياجاتهم، وتكيف الموارد المتاحة بحسب الاحتياجات المتغيرة للنازحات/ين والمجموعات المتضررة، وذلك انسجاماً مع توجيهات قرار الأمم المتحدة 19/4 (2012) حول “السكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب في سياق ظروف الكوارث”.
- عدم التمييز: انطلاقاً من مبدأ عدم جواز التمييز في أعمال الدفاع المدنيّ، وعلى اعتبار أنّ الناس في حال الخطر جميعهم سواسية بمعزل عن الاختلافات وأبرزها فيما يخصّ لبنان (الطبقيّة والأصل الاثنيّ والطائفيّة والجنسيّة والجنس)، يفترض عدم التمييز ضدّ اللاجئات/ين السوريات/ين والفلسطينيات/ين والعمال والعاملات الأجانب المقيمين في لبنان، وتكريس المساواة بينهم وبين النازحات/ين اللبنانيات/ين ووضع آليات من شأنها ضمان التمتّع بهذه المساواة فعلياً، ومنها بالحدّ الأدنى عدم طردهم من المساحات العامة إلى أن تُتاح لهم حلول مناسبة.
الموّقعون حتى الآن:
استوديو أشغال عامة
المفكرة القانونية
المركز اللبناني لحقوق الإنسان
مبادرة غربال
مجموعة العمل الاجتماعي الاقتصادي (سياق – طرابلس)
مبادرة سياسات الغد
الاتحاد الطلابي العام في لبنان
شبكة مدى الشبابية
التنسيقية الشعبية
مبادرة للمدينة (صيدا)
مبادرة سقف واحد
للتوقيع، إضغطوا هنا. سوف يتم تحديث لائحة الموّقعين يوم الاثنين 21-10-2024، ومن بعدها تسليم الكتاب إلى الجهات المعنية (بلديات معنيّة وهيئة الطوارئ في مجلس الوزراء)
More periodicals
view all-
06.14.24
عطاالله: التدّخل السياسي عقبة أمام تطوّر الإدارة العامة
سامي عطا اللهمقابلة مع مدير مبادرة سياسات الغد الدكتور سامي عطاالله أكد أن "التدخل السياسي هو العقبة الرئيسية أمام تطور الإدارة العامة"، وشدد على أن دور الدولة ووجودها ضروريان جدًا لأن لا وجود للاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق من دونها"
اقرأ -
10.27.23eng
تضامناً مع العدالة وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني
-
09.21.23
مشروع موازنة 2023: ضرائب تصيب الفقراء وتعفي الاثرياء
وسيم مكتبي, جورجيا داغر, سامي زغيب, سامي عطا الله -
09.09.23
بيان بشأن المادة 26 من مشروع قانون الموازنة العامة :2023
-
08.24.23
من أجل تحقيق موحد ومركزي في ملف التدقيق الجنائي
اقرأ -
07.27.23
المشكلة وقعت في التعثّر غير المنظّم تعليق دفع سندات اليوروبوندز كان صائباً 100%
-
05.17.23
حشيشة" ماكينزي للنهوض باقتصاد لبنان
-
01.12.23
وينن؟ أين اختفت شعارات المصارف؟
-
10.12.22eng
فساد في موازنة لبنان
سامي عطا الله, سامي زغيب -
06.08.22eng
تطويق الأراضي في أعقاب أزمات لبنان المتعددة
منى خشن -
05.11.22eng
هل للانتخابات في لبنان أهمية؟
كريستيانا باريرا -
05.06.22eng
الانتخابات النيابية: المنافسة تحجب المصالح المشتركة